قطر تسعى لتسجيل نقاط دبلوماسية عبر تشغيل طائراتها وسط الوباء

16 أبريل 2020آخر تحديث :
قطر تسعى لتسجيل نقاط دبلوماسية عبر تشغيل طائراتها وسط الوباء

حظيت قطر بثناء وتقدير حكومات ومسافرين بسبب تنظيمها رحلات جوية لإعادة آلاف المسافرين العالقين خارج بلدانهم بسبب الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، ويرى مراقبون أنّ الدوحة تأمل، عبر الإبقاء على طائراتها في الجو على النقيض من منافسيها الإقليميين، تسجيل نقاط دبلوماسية في المواجهة المستمرة مع جيرانها.

وتشغّل الخطوط الجوية القطرية حاليا 35% من خدماتها العادية، وقامت باستخدام قدراتها التشغيلية الإضافية لنقل 17 ألف شخص على متن نحو 60 رحلة خاصة تم تأجيرها لبلدان أخرى بهدف إجلاء مواطنيها.

ووجهت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا علنا مواطنيها نحو استخدام الشركة القطرية للعودة إلى بلدانهم، وأثنت على الدوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فقامت السفارة الفرنسية في سيدني بنشر صور لمواطنيها وهم يرفعون شارات النصر لدى توجههم إلى الطائرة التي كانت ستقلهم من بيرث إلى باريس.

وقامت الخطوط الجوية القطرية أيضا بإجلاء دبلوماسيين أميركيين وأجانب من العراق.

ويقول الباحث اندرياس كريغ المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في كينغز كولدج البريطانية لوكالة فرانس برس إن هذا “يخدم صورة قطر”.

وبحسب كريغ، فإن هذا يسمح لها “بتسجيل نقاط دبلوماسية ويؤكّد من جديد على أهمية أن يتيح العالم لقطر بالوصول إلى المجال الجوي وحرية الطيران”.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في حزيران/يونيو 2017، متّهمة إياها بدعم الحركات الإسلامية والتقرّب من إيران، الأمر الذي تنفيه الدوحة. ومذاك، أغلقت هذه الدول مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية، وحظرت السفر الى الإمارة وعلّقت التعاون التجاري معها.

وتعثّرت المحادثات الرامية إلى وضع حد للخلاف في منطقة الخليج بعد أن أثارت موجة من الجهود الدبلوماسية في أواخر العام الماضي آمالا بحدوث انفراج.

ويرى كريغ أن دور الخطوط الجوية القطرية خلال جائحة كورونا يشكل “رسالة واضحة (إلى الشركاء) للمساعدة في رفع الحصار الجوي عن قطر”، فيما أكّدت الحكومة القطرية أن هذا ساعد مليون شخص على العودة إلى بلدانهم.

وبينما قامت ناقلات خليجية اخرى بما في ذلك “الاتحاد للطيران” في أبوظبي، وطيران الإمارات في دبي والخطوط الجوية الكويتية بتعليق رحلاتها بهدف توفير التكاليف، أبقت قطر على رحلات الركاب والشحن حيث أمكن.

ويؤكد كبير مسؤولي الاستراتيجية والتحول في الخطوط الجوية القطرية تيري انتينوري أن “واجب الشركة هو أن تكون شريان حياة بين آسيا وأوروبا، وأيضا بين آسيا وأميركا لمساعدة الناس على العودة إلى ديارهم”.

ويضيف “نحن ننظم رحلات تشارتر، وليس فقط رحلات كانت تحصل أصلا إلى مدن معينة، بهدف نقل الركاب العالقين من أجل الحكومة الفرنسية أو الحكومة الألمانية، بما في ذلك مدن لا تقوم الخطوط الجوية القطرية بالعادة بالطيران إليها”.

كما حصلت الإمارة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز على دعاية هامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب مواصلتها أعمال البناء في الملاعب والبنى التحتية التي ستستخدم خلال استضافتها كأس العالم في 2022.

وبينما قلّت أعداد المسافرين على متن الرحلات، بدأت الخطوط الجوية القطرية بتحميل المزيد من الشحن على متن طائراتها في أماكن مخصصة بالعادة لحقائب المسافرين- في تعويض جزئي عن الخسائر من مبيعات التذاكر.

ويشير رئيس عمليات الشحن في الشركة توماس كوفيلد الى أنّ “الشحن يدفع مقابل الطائرة”، ما يعني تجنيب الشركة بعض الخسائر المالية.

ويتابع “في العادة عندما يكون لديك 20 طنا، أصبح الآن بإمكانك وضع 60 طنا باستخدام مكان أمتعة الركاب”.

في الأيام الأولى بعد الأزمة الدبلوماسية في الخليج، فرغت رفوف المحلات التجارية في البلد الذي يقطنه 2,7 مليون شخص، من البضائع، وتخوّف السكان من نقص في الغذاء بعد إغلاق طرق الاستيراد. ولكن الدوحة ردت بسرعة وأرسلت طائرات تابعة لمجموعة “الخطوط الجوية القطرية” لاستيراد المواد الغذائية المختلفة.

ويرى كريستيان أولريشسن الذي ألف كتابا عن الأزمة الخليجية أن مقاطعة الدول الأخرى “منحت قطر خبرة قيادية في التكيف مع وضع يتغير بسرعة ووضع خطط طوارىء”.

ولكن كغيرها من شركات الطيران، حذرت الشركة القطرية من أنها بحاجة لدعم حكومي بعد سنوات من الخسائر، ملقية باللوم على مقاطعة الدول الخليجية لها.

وبالإضافة إلى خطوطها الجوية التي نقلت 50 ألف كيلو من المعدات الطبية والمساعدات لمواجهة فيروس كورونا المستجد، سعت قطر أيضا إلى توصيل مستشفيين ميدانيين إلى ايطاليا.

ولكن كل هذه الجهود لم تكن مدعاة ثناء في كل مكان. فقد تعرضت قطر لانتقادات بسبب إجلائها مواطنين بحرينيين كانوا في ايران وتمّ استقبالهم في الدوحة. وكتب مستشار العاهل البحريني خالد الخليفة على “تويتر” إن قطر عرضت مواطني البحرين “للخطر الشديد”، متهما الدوحة “بالتدخل” في شؤونها.

ويصف أولريشسن هذه الحرب الكلامية بأنها مجرد “تسجيل سخيف للنقاط” في إطار الأزمة الدبلوماسية.