في ظل المخاوف من تصعيد محتمل في ظل الترقب الإسرائيلي لرد إيراني متوقع على مقتل قادة عسكريين إيرانيين في هجوم إسرائيلي على قنصليتها في دمشق، الإثنين الماضي، وما تلاه من توعد بالانتقام؛ إسرائيل تستعد للتعامل مع سيناريوهات مختلفة.
تعززت المخاوف في إسرائيل من تصعيد محتمل قد يؤدي إلى تصعيد رقعة الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والمواجهات الموازية مع حزب الله على الجبهة الشمالية، في المنطقة الحدودية مع لبنان، بعد مقتل قادة عسكريين إيرانيين في دمشق، هذا الأسبوع، وما تلاه من توعد بالانتقام.
ورفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب في صفوف قواته، واستدعى جنود احتياط لتعزيز الدفاعات الجوية، وألغى الإجازات لجميع الوحدات القتالية، ووسع التشويشات على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، في إطار الاستعدادات لردٍ إيراني محتمل على اغتيال القائد في الحرس الثوري، محمد رضا زاهدي، بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين آخرين، في هجوم دمشق.
كما تم رفع مستوى التأهب في السفارات والبعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم، بناء على تقديرات الشاباك ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وأوضحت مصادر أمنية أن “هناك دولا أكثر عرضة للتهديد من دول أخرى، وبناء على ذلك في كل دولة تم اتخاذ إجراءات مختلفة وفقا لمستوى التهديدات”.
وفي تصريحات صدرت عنه خلال افتتاح اجتماع للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن “منذ سنوات، تعمل إيران ضدنا بشكل مباشر ومن خلال وكلائها، وبالتالي فإن إسرائيل تعمل ضد إيران ووكلائها، دفاعيًا وهجوميًا على حد سواء”، وتابع “سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا؛ من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا سنؤذيه”.
في المقابل، حاول الجيش الإسرائيلي بث رسائل طمأنة في مواجهة حالة الهلع التي أحدثتها الإجراءات الخاصة بأوساط الإسرائيليين، وذلك في مؤتمر صحافي للناطق الرسمي باسم الجيش، دانيال هغاري، شدد خلاله على أنه “لا تغيير في تعليمات الجبهة الداخلية”، وأكد “تعزيز القدرات الدفاعية والطائرات المقاتلة لشن هجمات بحال حدوث مستجدات”.
وقال هغاري: “ننظر بجدية إلى كل تصريح صادر عن أي عدو. لقد قمنا بتعزيز أنظمة الدفاع الجوي ولدينا طائرات جاهزة للدفاع ومستعدة للهجوم للتعامل مع سيناريوهات متنوعة. على مدار نصف السنة الأخيرة نتعامل مع حرب متعددة الجبهات ونحافظ على حالة جهوزية كبيرة على جميع تلك الجبهات”.
وتابع “نحن نحافظ على حالة استعداد كبيرة دفاعيا وهجوميا. خلال الحرب تعاملنا مع عدد كبير من تهديدات الصواريخ والمسيرات والصواريخ الموجهة وجميعها من إنتاج إيران تم إطلاقها من عدة جبهات من سورية ومن العراق ومن لبنان ومن اليمن وأيضًا من غزة”.
وأضاف “لقد قمنا باعتراضها بنسبة نجاح عالية من خلال أنظمة دفاعنا الجوية وأيضًا من خلال أنظمة تابعة لشركائنا في الجيش الأميركي المنتشرة أيضًا في المحيط. لدينا حماية في عدة طبقات ولدينا طائرات في السماء على مدار الساعة. نحن مستعدون لكل السيناريوهات”.
بدوره، قال قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يدلين، إن “إيران قد تختار الجمعة الأخيرة في شهر رمضان ويوافق يوم القدس الذي تحييه إيران، للرد على غارة دمشق إما مباشرة أو من خلال أحد وكلائها”، مستبعدا أن يتم ذلك من لبنان لخصوصية “قواعد الاشتباك” بين إسرائيل وحزب الله.
وأضاف “لن أتفاجأ إذا تحركت إيران اليوم الجمعة”، محذرا الإسرائيليين من “الذعر. والهروع إلى الملاجئ”، مشيرا إلى أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وقال إن الصاروخ الباليستي قد يستغرق أكثر من 11 دقيقة قبل أن يسقط في إسرائيل من بعد سماع دوي صافرات الإنذار؛ وتابع يدلين “ترقبوا، وبعد ذلك، اعتمادا على عواقب الهجوم، قد يتصاعد الأمر”.
وبناء على تقييم الوضع الأمني في إسرائيل، حددت الأجهزة الاستخباراتية اليوم الجمعة، على أنه موعد محتمل للرد الإيراني، لما يمثله من رمزية دينية كونه آخر أيام الجمعة في رمضان ويوافق يوم القدس الذي تحييه إيران، وبحسب هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، فإن التهديدات المحتملة التي يستعد لها الجيش الإسرائيلي تشمل:
شن هجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة والقذائف الصاروخية من قبل الجماعات الموالية لإيران في المنطقة، بما في ذلك في لبنان وسورية والعراق واليمن.
شن هجوم بالصواريخ الباليستية مباشرة من إيران – من مسافة تزيد على ألف كيلومتر.
محاولات تسلل مقاتلين من محور المقاومة إلى إسرائيل – الأمر الذي يفسر منع إجازات الوحدات المقاتلة في الجيش الإسرائيلي.
من جانبها، تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن أجواء من “حبس الأنفاس” وحالة من الترقب والاستعداد القصوى في أعلى مستويات صنع القرار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وأشارت إلى أنه تقرر تكثيف تجنيد أفراد الاحتياط في الدفاعات الجوية، وتعزيز تشكيلات عسكرية إضافية؛ وأشارت إلى ثلاثة سيناريوهات مركزية تستعد إسرائيل للتعامل معها:
سيناريو 1: الوكلاء
وقالت إن السيناريو الأول والأكثر ترجيحًا يتمثل باستخدام إيران لوكلائها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والميليشيات المسلحة في سورية، والميليشيات في العراق، والحوثيون في اليمن؛ بالإضافة إلى حماس والجهاد الإسلامي، في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وأضافت أن الرد قد يتمثل بـ”هجوم صاروخي متزامن مشترك من عدة جبهات بالتزامن” بواسطة “صواريخ موجهة (جوالة) أو طائرات مسيرة أو قذائف صاروخية”؛ ولفتت إلى أن الاستعداد لهذا السيناريو يفسر التشويش على نظام GPS، لتعطيل قدرة إيران على إطلاق صواريخ موجهة بنظام GPS باتجاه مواقع إسرائيلية.
سيناريو 2: عمليات في الخارج
وذكر التقرير أن السيناريو الثاني الذي تستعد له المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وتعتبر أن له احتمال كبير بنفس قدر السيناريو الأول، يتمثل بشن هجمات تستهدف وجهات أو مواقع يقصدها الإسرائيليون في الخارج، أو سفارات وبعثات دبلوماسية إسرائيلية، الأمر الذي قد يعتبر ردا أكثر تناسبا مع استهداف القنصلية في دمشق.
سيناريو 3: هجوم مباشر
والسيناريو الأخير، والأقل احتمالا، هو أن تقرر إيران مهاجمة إسرائيل من أراضيها بواسطة مسيرات أو صواريخ باليستية أو صواريخ جوالة، التهديد الذي تأخذه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعين الاعتبار. وذكرت أنه “إذا تحقق هذا السيناريو، فإن ذلك قد يجبر إسرائيل على مهاجمة الأراضي الإيرانية. ونتيجة لذلك، قد يحدث تصعيد حاد وسريع، قد ينتهي بحرب شاملة”.