كولومبيا تنتخب غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخها

20 يونيو 2022آخر تحديث :
TOPSHOT - Newly elected Colombian President Gustavo Petro (C) celebrates next to his wife Veronica Alcocer and his running mate Francia Marquez at the Movistar Arena in Bogota, on June 19, 2022 after winning the presidential runoff election on June 19, 2022. Ex-guerrilla Gustavo Petro was on Sunday elected the first ever left-wing president of crisis-wracked Colombia after beating millionaire businessman rival Rodolfo Hernandez after a tense and unpredictable election. (Photo by Daniel MUNOZ / AFP)

أصبح غوستافو بيترو الأحد، أوّل رئيس يساريّ في تاريخ كولومبيا بعد أن حصد 50,45% من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة وفقًا لنتائج رسميّة تشمل 99,95% من الأصوات.


وكتب بيترو (62 عامًا) على تويتر “اليوم هو يوم عيد للشعب. فلنحتفل بأوّل انتصار شعبي”. وحصل خصمه المليونير رودولفو هيرنانديز الذي أقرّ عبر “فيسبوك” بهزيمته، على 47,30% من الأصوات، أي بفارق نحو 700 ألف صوت، بحسب النتائج التي نشرتها الهيئة الوطنيّة المكلّفة تنظيم الانتخابات.


وقال هيرنانديز في بثّ حيّ عبر فيسبوك “اليوم اختارت غالبيّة المواطنين المرشّح الآخَر… أنا أقبل النتيجة كما هي”. وأضاف “آمل أن يعرف غوستافو بيترو كيف يقود البلاد وأن يكون مخلصًا لخطابه المضادّ للفساد”.


من جهته كتب الرئيس المحافظ المنتهية ولايته إيفان دوكي على تويتر “اتّصلتُ بغوستافو بيترو لتهنئته بصفته رئيسًا منتخبًا للشعب الكولومبي”، مضيفًا “اتّفقنا على الاجتماع في الأيّام المقبلة لبدء انتقال سلس ومؤسّساتي وشفّاف”.


وصوّت الكولومبيّون الأحد للاختيار بين المعارض اليساريّ بيترو ورجل الأعمال المستقل هيرنانديز، فيما تعهّد الرجلان، كلّ على طريقته، إحلال تغيير جذري في بلد يشهد أزمة.


وعنونت صحيفة يوميّة محلّية صباح الأحد “أيًّا يكُن الفائز في الانتخابات، ستشهد البلاد تغييرًا كبيرًا” بعد هذا “اليوم التاريخي”.


صباح الأحد، صوّت دوكي في مكان قريب من مقرّ الرئاسة، إيذانًا ببدء الانتخابات.


وأفاد صحافيّون في فرانس برس بأنّ هيرنانديز صوّت في معقله في مدينة بوكارامانغا الشمالية الكبرى.
ودعي نحو 39 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم حتّى الرابعة بعد الظهر بالتوقيت المحلّي (21,00 ت غ) في 12500 مركز اقتراع، للاختيار بين مرشّحين معارضَين للمنظومة القائمة.


وعمل حوالى 320 ألف شرطي وعسكري على حفظ أمن الانتخابات التي جرت في إشراف عدد من المراقبين الدوليّين.


في الأيّام الأخيرة، أثارت فرضيّة تسجيل نتائج متقاربة قلقًا ومخاوف من حدوث تجاوزات محتملة، بينما أبدى بيترو شكوكه حيال البرنامج المستخدم في عمليّة الفرز بعد تسجيل أخطاء في الانتخابات التشريعيّة في آذار/مارس، علمًا بأنّ معسكره فاز فيها.


بيترو مقاتل سابق في الحرب الأهليّة، بات اشتراكيًا ديموقراطيًا، وشغل سابقًا منصب رئيس بلديّة بوغوتا.


أمّا هيرنانديز فكان رئيسًا لبلديّة مدينة بوكارامانغا في شمال البلاد، ووعد بالتخلّص من “اللصوص” و”البيروقراطيّة”.


تصدّر بيترو الدورة الأولى من الانتخابات في 29 أيّار/مايو بحصوله على 40 بالمئة من الأصوات فيما حصل هيرنانديز (77 عامًا) على 28 بالمئة.


وهزم الرجُلان النخب المحافظة والليبراليّة التي احتكرت السلطة طوال قرنين. وتلقّى هيرنانديز على الفور دعم اليمين التقليدي.


في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحملة الانتخابيّة التي وصفتها الصحافة بأنّها “سلّة مهملات”، طغت على الأجواء تهديدات واتّهامات شتّى ومعلومات مضلّلة وعمليّات تجسّس… وسط سباق محتدم خاضه الجانبان ليُظهرا أنّهما “قريبان من الناس”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


وأكّد هيرنانديز نهاية الأسبوع مخاطبًا المقترعين “ستجدون فيّ مصارعًا”. وقال على تويتر “سأضع حدًا للفساد وأستبدل الموظّفين العاجزين والفاسدين الذين عيّنتهم الحكومات السابقة”.


من جهته، وعَدَ خصمه اليساريّ ببرنامج “تقدّمي” لصالح “الحياة”، مع دولة أقوى، وفرض مزيد من الضرائب على الأثرياء، وتحقيق تحوّل في مجال الطاقة. وكرّر السبت أنّ “البلاد بحاجة إلى العدالة الاجتماعيّة لتكون قادرة على بناء السلام (…) أي فقر أقلّ، وجوع أقلّ، وعدم مساواة أقلّ، ومزيد من الحقوق”.


جرت الانتخابات في خضمّ أزمة عميقة في البلاد. فولاية دوكي التي استمرّت أربعة أعوام لم تشهد سوى قليل من الإصلاحات الجوهريّة. وهيمن عليها إضافة إلى الجائحة، ركودٌ حادّ واحتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة تمّ قمعها، وزيادة في عنف كثير من الجماعات المسلّحة التي تنشط في الريف وتتنافس على تهريب المخدّرات.


ورغم تعطّش البلاد للتغيير، إلا أنّ المرشحيَن أثارا القلق.


وتشير أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة خافريانا، باتريسيا إينيس مونيوس، إلى أنّ لهيرنانديز “خبرةً قليلة على المستوى الوطني، ولم يتحدث كثيرًا عن الطريقة التي سيحكم بها”.


وتضيف أنّ القلق على صعيد بيترو “نابع من تجربة الحكومات اليساريّة في المنطقة”، ولا سيّما في فنزويلا المجاورة. وتابعت “إنّه يثير كثيرًا من الخوف لدى بعض المواطنين، ولكن أيضًا لدى الشركات وبعض القطاعات الاقتصاديّة”.


وأكدت مونيوس أنّ “المهمّة الأولى” للرئيس المقبل ستكون “إعادة توحيد هذا المجتمع الممزّق. لن يتمكّن أيّ منهما من الحكم بمفرده من دون مراعاة النصف الآخر من البلاد وأولئك الذين لم يُصوّتوا”.