علّق المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار الخميس جلسة استجواب كانت مقررة للاستماع الى رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب، بعدما تبلّغ بمضمون دعوى قضائية تقدّم بها الأخير ضده، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
وقال المصدر لوكالة فرانس برس إن بيطار “تبلغ دعوى دياب ضده وأوقف الاجراءات لجلسة الاستجواب التي كانت مقررة اليوم الى حين بتّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز بالدعوى”.
وكان فريق الدفاع عن دياب استبق جلسة استجوابه بدعوى قدّمها الأربعاء أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز “لمخاصمة الدولة اللبنانية عن أخطاء جسيمة” منسوبة للمحقق العدلي.
واستندت الدعوى، وفق مصدر قضائي، الى نقطتين، الأولى أن جريمة انفجار المرفأ “ليست من اختصاص المجلس العدلي” والثانية تتهم البيطار “بمخالفة نصّ دستوري يحصر ملاحقة الرؤساء والوزراء بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء دون سواه”.
ويفرض تبلّغ بيطار الخميس بمضمون الدعوى، وفق المصدر، وقف كلّ إجراءات ملاحقة دياب، استناداً الى المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية، إلى أن تبتّ المحكمة بأساس الدعوى.
وسبق لدياب، الذي استقالت حكومته بعد أيام من الانفجار، أن امتنع عن حضور جلسات استجواب عدّة حددها بيطار منذ تسلمه ملف التحقيق.
وسطّر بيطار في 26 آب/أغسطس مذكرة إحضار بحق دياب، بعد تغيبه عن حضور جلسة استجواب كانت مقررة، في خطوة أثارت انتقادات سياسية حادة أبرزها من حزب الله ورؤساء الحكومات السابقين.
وكلّف بيطار حينها القوى الأمنية إحضار دياب إلى دائرته في قصر العدل، قبل 24 ساعة من موعد جلسة استجواب حددها في 20 أيلول/سبتمبر، إلا أن دياب استبق موعد استجوابه بالسفر الى الولايات المتحدة في زيارة عائلية.
وفي وقت لاحق الخميس، أفاد مصدر قضائي عن أن وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق، المدعى عليه في انفجار المرفأ، تقدم بدعوى مماثلة ضد بيطار، عشية جلسة استجوابه المقررة الجمعة.
وغرّد المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي لـ”المفكرة القانونية”، “بعد نجاح دياب في توقيف الملاحقة ضده ولو لحين، سيندفع سائر المدعى عليهم لتقديم دعاوى مشابهة بهدف تحقيق الغاية نفسها مهما أدت الى عرقلة العدالة”.
ومنذ ادعائه على دياب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط/فبراير. وخلال الأشهر الماضية، اصطدمت محاولات بيطار لاستجواب مسؤولين بتدخلات سياسية ودعاوى قضائية، وتم تعليق التحقيق أكثر من مرة.
وأدى الانفجار في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020، والذي عزته السلطات الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية، الى مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.
وتندد منظمات حقوقية وذوو الضحايا بالتدخلات السياسية وبتخلّف مسؤولين عن حضور جلسات استجوابهم، مبدين خشيتهم من أن يكّرّس هذا السلوك مبدأ “الإفلات من العقاب” السائد في لبنان.
وتنتقد قوى سياسية عدة مسار التحقيق، لكن حزب الله وحليفته حركة أمل يشكلان رأس حربة ويطالبان بتنحية بيطار. ويرفض الحزبان أن تعقد الحكومة أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبحث في الموقف من بيطار.
وانتهت تظاهرة احتجاجية على أداء بيطار نظمها الحزبان الشهر الحالي وتخللها اطلاق نار كثيف يحقق القضاء العسكري في ملابساته، بمقتل سبعة أشخاص، محسوبين بغالبيتهم على الطرفين.